سؤال وجواب: هل يمكنني أن أصل إلى الله؟

السؤال: بسم الله الرحمـٰن الرحيم والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين ولاسيما الصديقة الشهيدة. مولانا سماحة الشيخ الجشي كيف يحيي الإنسان نفسه اللوامة؟

وهل يستطيع أمثالي من الضعفاء ــ في الولاية والتمسك ــ أن يصلوا إلى درجة عالية من التعلق بالله والسلوك إليه؟ أم هي قابليات يرزقها الله من يشاء من عباده، ونسألكم الدعاء.

الجواب: بسم الله الرحمـٰن الرحيم. نعم باستطاعة المؤمن إذا عَمِلَ عَمَلَ الصالحين، وتأمل عيوبه من خلال عمل الصالحين حقّق ما يصبو إليه وكان ممن ينال الدرجات الرفيعة إن شاء الله.

وإذا عرف الإنسان آثار الطاعة والمعصية إن فعل أو ترك أيّاً منها حَيَتْ نفسه اللوامة «والمراد بالنفس اللوّامة نفس المؤمن التي تلومه في الدنيا على المعصية والتثاقل في الطاعة وتنفعه يوم القيامة» (تفسير الميزان)، وهناك آراء أخرى.

روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في وصيته لابن مسعود: «يا [ابن] مسعود أكثر من الصالحات والبرّ فإن المحسن والمسيء يندمان، يقول المحسن: يا ليتني ازددت من الحسنات، ويقول المسيء: قصّرت، وتصديق ذلك قوله تعالى: (وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ)».

ومن طلب قرب الله (عز وجل) بصدق النية والإخلاص والعزم فإن الله قريب حبيب إلى من تحبّب إليه، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام): «من صبر على الله وصل إليه».

وعن مولانا العسكري (عليه السلام): «إن الوصول إلى الله ــ عزّ وجل ــ سفر لا يُدرك إلا بامتطاء الليل».

وفي الدعاء للإمام زين العابدين (عليه السلام): «اللّـٰهُمّ اجْعَلْنِي مِنَ الّذِينَ جَدُّوا في قَصْدِكَ فَلَمْ يَنْكِلُوا، وَسَلَكُوا الطَّرِيْقَ إِلَيْكَ فَلَمْ يَعْدِلُوا، وَاعْتَمَدُوا عَلَيْكَ في الْوُصُوْلِ حَتَّى وَصَلُوا».

وليس الطريق إلى قربه - تعالى - بكثرة العمل، بل بإخلاَصِ العمل وإتقانه.

روي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): قال الله (عز وجل) : «ما تقرّب إليّ عبد بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه، وإنَّه ليتقرّب إليّ بالنافلة حتى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ولسانه الذي ينطق به، ويده التي يبطش بها، إن دعاني أجبته، وإن سألني أعطيته».

فعلى المؤمن السعي لطلب العلم والمعرفة والاجتهاد في الورع عن محارم الله - تعالى - جاء عن نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): «أفضل العبادة الفقه».

وإن الشيطان ليسعى بكل الطرق والوسائل لصرف الإنسان وإبعاده عن التقرب إلى الله كيف لا، وهو الذي قد طُرِدَ وأُبعد عن ساحة القرب، فعلى المؤمن أن يدرك أن الله رحيم غفور دعا عبادَه إليه وهو يقبل التوبة مرة بعد مرة وبذلك ييأس الشيطان من المؤمن فلا يستطيع إيهامه بعدم إمكان الرجوع والتوبة إلى الله - تعالى - وإن جدّ واجتهد بالحيل والوسوسة المرة تلو الأخرى.


المصدر: كتاب إياك نعبد وإياك نستعين - لسماحة الشيخ محمد كاظم الجشي.

المشاركات الشائعة من هذه المدونة